سورة الفاتحة - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الفاتحة)


        


قوله عز وجل: {إِيَاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}
قوله: {إِيَّاكَ} هو كناية عن اسم الله تعالى، وفيه قولان:
أحدهما: أن اسم الله تعالى مضاف إلى الكاف، وهذا قول الخليل.
والثاني: أنها كلمة واحدة كُنِّيَ بها عن اسم الله تعالى، وليس فيها إضافة لأن المضمر لا يضاف، وهذا قول الأخفش.
وقوله: {نَعْبُدُ} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: أن العبادة الخضوع، ولا يستحقها إلا الله تعالى، لأنها أعلى مراتب الخضوع، فلا يستحقها إلا المنعم بأعظم النعم، كالحياة والعقل والسمع والبصر.
والثاني: أن العبادة الطاعة.
والثالث: أنها التقرب بالطاعة.
والأول أظهرها، لأن النصارى عبدت عيسى عليه السلام، ولم تطعه بالعبادة، والنبي صلى الله عليه وسلم مطاع، وليس بمعبودٍ بالطاعة.


قوله عز وجل: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيم} إلى آخرها.
أما قوله: {اهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقِيمَ} ففيه تأويلان:
أحدهما: معناه أرْشُدْنا ودُلَّنَا.
والثاني: معناه وفقنا، وهذا قول ابن عباس.
وأما الصراط ففيه تأويلان:
أحدهما: أنه السبيل المستقيم، ومنه قول جرير:
أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى صِراطٍ *** إذَا اعْوَجَّ الْمَوَارِدُ مُسْتَقِيم
والثاني: أنه الطريق الواضح ومنه قوله تعالى: {وَلاَ تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُون} [الأعراف: 86] وقال الشاعر:
.................. *** فَصَدَّ عَنْ نَهْجِ الصِّرَاطِ الْقَاصِدِ
وهو مشتق من مُسْتَرَطِ الطعام، وهو ممره في الحلق.
وفي الدعاء بهذه الهداية، ثلاثة تأويلات:
أحدها: أنهم دعوا باستدامة الهداية، وإن كانوا قد هُدُوا.
والثاني: معناه زدنا هدايةً.
والثالث: أنهم دعوا بها إخلاصاً للرغبة، ورجاءً لثواب الدعاء. واختلفوا في المراد بالصراط المستقيم، على أربعة أقاويل:
أحدها: أنه كتاب الله تعالى، وهو قول علي وعبد الله، ويُرْوَى نحوه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والثاني: أنه الإسلام، وهو قول جابر بن عبد الله، ومحمد بن الحنفية.
والثالث: أنه الطريق الهادي إلى دين الله تعالى، الذي لا عوج فيه، وهو قول ابن عباس.
والرابع: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخيار أهل بيته وأصحابه، وهو قول الحسن البصري وأبي العالية الرياحي.
وفي قوله تعالى: {الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمُ} خمسة أقاويل: أحدها: أنهم الملائكة.
والثاني: أنهم الأنبياء.
والثالث: أنهم المؤمنون بالكتب السالفة.
والرابع: أنهم المسلمون وهو قول وكيع.
والخامس: هم النبي صلى الله عليه وسلم، ومَنْ معه مِنْ أصحابه، وهذا قول عبد الرحمن بن زيد.
وقرأ عمر بن الخطاب وعبد الله بن الزبير: (صِرَاطَ مَنْ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)
وأما قوله: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} فقد روى عن عديِّ بن حاتم قال: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن المغضوب عليهم، فقال: «هُمُ اليَهُود» وعن الضالين فقال: «هُمُ النَّصارى». وهو قول جميع المفسرين.
وفي غضب الله عليهم، أربعة أقاويل:
أحدها: الغضب المعروف من العباد.
والثاني: أنه إرادة الانتقام، لأن أصل الغضب في اللغة هو الغلظة، وهذه الصفة لا تجوز على الله تعالى.
والثالث: أن غضبه عليهم هو ذَمُّهُ لهم.
والرابع: أنه نوع من العقوبة سُمِّيَ غضباً، كما سُمِّيَتْ نِعَمُهُ رَحْمَةً.
والضلال ضد الهدى، وخصّ الله تعالى اليهود بالغضب، لأنهم أشد عداوة.
وقرأ عمر بن الخطاب {غَيْرِ الْمغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَغَيْرِ الضَّآلِّين}

1 | 2